المقدمة
تعتبر مقابلات المستخدمين أحد الطرق الأساسية في أبحاث تجربة المستخدم (UX). تتيح هذه المقابلات فهم آراء ومشاعر وتجارب المستخدمين، والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تحسين التصميم وتوجيه الاستراتيجيات القادمة. ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه المقابلات صعبة إذا لم تتم بشكل صحيح. في هذا المقال، سنركز على بعض النصائح والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في إجراء مقابلات المستخدمين بشكل فعال وجمع المعلومات القيمة منها.
لغة الجسد في مقابلات المستخدمين
تتعدى فهم احتياجات وتجارب المستخدمين الكلمات المنطوقة فقط، فلغة الجسد تلعب دوراً مهماً في تفسير التواصل غير اللفظي. في مقابلة، يمكن أن تكشف لغة الجسد عن معلومات لا تظهر عادةً من خلال الأسئلة والأجوبة فقط.
قد تقدم الإيماءات، النظرات، وحركات الجسد أدلة على مشاعر ومواقف المستخدمين التي قد لا يعبرون عنها بشكل صريح. مثلاً، قد يكون المستخدم يظهر علامات التوتر أو الإحباط عند التحدث عن ميزة معينة، أو قد يظهر الإثارة والحماس عند مناقشة تجربته في استخدام المنتج. هذه الردود الجسدية توفر للباحثين معلومات قيمة يمكن استخدامها لتحسين تجربة المستخدم.
أربع ثوانٍ من الصمت
قد يبدو الصمت في المقابلات غير مريح، ولكنه أداة قوية في جمع المزيد من المعلومات. الصمت الذي يستمر لمدة أربع ثوانٍ يمكن أن يشجع المستخدم على مواصلة الحديث والكشف عن المزيد من التفاصيل. هذه الفترة من الصمت تعطي المستخدم فرصة للتفكير وتجميع أفكاره، والتي قد تؤدي إلى نقاط حاسمة غير متوقعة.
من الجدير بالذكر أنه ينبغي استخدام هذه التكتيك بحذر. فالصمت الذي يطول أكثر من اللازم قد يجعل المستخدم يشعر بالقلق أو الارتباك، وبالتالي قد يؤدي إلى تشويه البيانات المستقاة من المقابلة.
الاستماع النشط
الاستماع النشط يعتبر عنصراً أساسياً في إجراء مقابلات المستخدمين الناجحة. هذه التقنية تتطلب من الباحث التركيز الكامل على المستخدم واحترام آرائه، وتجنب الانقطاع أو القفز إلى الاستنتاجات.
استخدم الردود التأكيدية، مثل “أنا أفهم” أو “أرى”، لإظهار أنك تستمع بنشاط. ولكن، تذكر أن التأكيد لا يعني الاتفاق دائماً، بل هو عبارة عن أداة تواصل لتعزيز الثقة والاحترام بينك وبين المستخدم.
أيضا، يمكنك استخدام أسئلة الاستكمال، مثل “هل يمكنك شرح ذلك أكثر؟” أو “ماذا تقصد بـ…”، لتشجيع المستخدم على التوسع في إجاباته.
تحضير الأجواء وبناء الثقة
قبل البدء في المقابلة، من الضروري تحضير الأجواء الصحيحة وبناء الثقة مع المستخدم. يعد هذا الجزء من العملية ضرورياً لتشجيع المستخدمين على التحدث بصراحة وشفافية عن تجاربهم.
يمكنك بدء المقابلة ببعض الأسئلة الغير رسمية للمساعدة في تخفيف التوتر، مثل “كيف كان يومك اليوم؟” أو “ما هي خططك لنهاية الأسبوع؟”. يمكن أن يساعد هذا في بناء الثقة وتشجيع المستخدم على الشعور بالراحة.
تذكر أنه في هذه اللحظة، أنت لست فقط تجمع المعلومات ولكنك تقوم ببناء علاقة ثقة مع المشارك. يجب أن تكون المقابلة مريحة ومرنة بحيث يشعر المستخدم بالراحة والقدرة على التعبير عن نفسه بحرية.
طرح سؤال واحد في المرة
في أثناء المقابلة، من الأفضل طرح سؤال واحد في المرة. إذا طرحت عدة أسئلة في نفس الوقت، قد يشعر المستخدم بالتوتر أو الارتباك، وقد لا يكون قادراً على تقديم إجابات واضحة ومفصلة.
كما أنه عندما تطرح سؤالاً واحداً، يتم تركيز المستخدم بشكل أكبر على ذلك السؤال، مما يعطيه الفرصة للتفكير والرد بتفصيل أكبر. ويتيح لك أيضاً الفرصة للتركيز على الردود واستيعاب المعلومات.
على سبيل المثال، بدلاً من سؤال “ما هي الأشياء التي تحبها ولا تحبها في هذا الموقع الإلكتروني؟” يمكنك تقسيم السؤال إلى سؤالين منفصلين، “ما الأشياء التي تحبها في هذا الموقع الإلكتروني؟” ومن ثم “ما الأشياء التي لا تحبها في هذا الموقع الإلكتروني؟”.
لا تنسى الأسئلة اللاحقة
في أثناء المقابلة، من المهم عدم نسيان الأسئلة اللاحقة التي تسمح لك بالغوص أعمق في الإجابات التي يقدمها المستخدم. هذه الأسئلة تتيح لك فهم تجارب المستخدمين بشكل أكبر وجمع معلومات أكثر تفصيلاً.
مثلاً، إذا أجاب المستخدم بأنه لا يحب جزءًا معينًا من الموقع الإلكتروني، يمكنك طرح سؤال متابعة مثل: “هل يمكنك شرح لماذا لا تحب هذا الجزء؟” أو “هل تتذكر أي تجربة محددة جعلتك تشعر بالرغبة في تجنب هذا الجزء؟”.
تذكر أن الأسئلة اللاحقة يجب أن تكون مفتوحة النهاية وغير موجهة، حتى يتمكن المستخدم من الشعور بالراحة للتعبير عن آرائه وتجاربه بحرية.
تجنب توجيه المستخدمين
في المقابلات، من الضروري تجنب الأسئلة التي قد توجه المستخدم نحو إجابة معينة. تسمى هذه الأسئلة “الأسئلة الموجهة” وهي تقلل من مصداقية البيانات التي تجمعها. فبدلاً من أن يكون الرد انعكاساً حقيقياً لمشاعر المستخدم، قد يصبح رداً على ما ترغب أنت في سماعه.
على سبيل المثال، بدلاً من سؤال “لم تعتقد أن هذا الموقع الإلكتروني سهل الاستخدام؟”، الذي يعتبر سؤال موجه، يمكنك طرح سؤال مفتوح النهاية مثل “كيف تصف تجربتك في استخدام هذا الموقع الإلكتروني؟”.
تسجيل الجلسة إذا أمكن
إذا كان بإمكانك، حاول تسجيل جلسات المقابلة. السماح بتسجيل الجلسة يمكنه من توفير مرجع يمكن الرجوع إليه في وقت لاحق، مما يساعدك على التركيز بشكل أكبر على المستخدم والمحادثة خلال المقابلة بدلاً من الكتابة المستمرة.
بالطبع، تذكر أن تحصل على موافقة المشارك قبل بدء التسجيل. يمكن أن يساعد السماح للمشارك بالتحقق من التسجيل في الحفاظ على بيئة مريحة وشفافة، ويعزز الثقة بينك وبين المستخدم.
تقليل أخذ الملاحظات خلال الجلسة
من الطبيعي الرغبة في تدوين كل شيء يقوله المستخدم خلال المقابلة، لكن الكتابة المستمرة قد تشتت انتباهك وتجعلك تفوت نقاط هامة. وبالإضافة إلى ذلك، قد يشعر المستخدم بالقلق أو الضغط إذا كنت تقوم بالكتابة باستمرار.
هذا لا يعني أنك لا تحتاج إلى أخذ الملاحظات بالمرة، ولكن حاول تقليلها إلى الحد الأدنى خلال الجلسة. يمكنك الرجوع إلى التسجيل بعد الجلسة وإعادة الكتابة بشكل أكثر تفصيلاً.
لا تتجاوز الوقت المخصص
الاحترام لوقت المشاركين هو جزء أساسي من إجراء مقابلة ناجحة. إذا قلت للمشاركين أن المقابلة ستستغرق ساعة، فحاول قدر الإمكان الالتزام بذلك. تجنب تجاوز الوقت المخصص حتى لو كنت تعتقد أنك بحاجة إلى مزيد من المعلومات.
قد يجعل الالتزام بالوقت المخصص المشاركين يشعرون بالاحترام والقيمة، وقد يزيد من احتمالية مشاركتهم في الأبحاث المستقبلية.
خاتمة
إجراء مقابلات المستخدمين هو جزء حاسم من عملية البحث عن تجربة المستخدم، والتي يمكن أن توفر رؤى عميقة وقيمة عن احتياجات ورغبات المستخدمين. من خلال اتباع هذه النصائح، يمكنك ضمان إجراء مقابلات أكثر فعالية ومنتجة، مع الحفاظ على راحة المشاركين.
تذكر، الممارسة تجعل الكمال. كل مقابلة تجريها ستزيد من مهاراتك وقدرتك على التواصل مع المستخدمين وجمع البيانات القيمة.
أسئلة متكررة
ما الفرق بين الاستماع النشط والاستماع العادي؟
الاستماع النشط يعني أنك لا تستمع فقط للكلمات، بل تعكس أيضًا على معناها وما يشعر به الناطق. هذا يمكن أن يعزز الفهم العميق لوجهات نظر المستخدم.
هل يجب أن أسأل الأسئلة بنفس الترتيب في كل مقابلة؟
لا بالضرورة. يمكن تكييف الأسئلة بناءً على سياق المقابلة وردود الفعل من المستخدم.
ماذا أفعل إذا بدأ المستخدم في الحديث عن موضوع غير ذي صلة؟
يمكنك بلطف توجيه المحادثة مرة أخرى إلى الموضوع الذي ترغب في مناقشته، مع تأكيد احترامك لوقتهم ورأيهم.
متى يكون الوقت المناسب لإجراء مقابلات المستخدمين؟
يعتمد هذا على مرحلة مشروع التصميم والأهداف البحثية الخاصة بك. المقابلات قد تكون مفيدة في أي مرحلة من مراحل عملية التصميم.